اعتبر محللون وخبراء أن خوض محمد مرسي مرشح حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين وأحمد شفيق آخر رئيس وزراء في عهد الرئيِس السابق حسني مبارك جولة الإعادة في انتخابات الرئاسة المصرية معادلة صفرية تعود بالثورة التي بدأها الشباب إلى المربع الأول وتبرز اختطافها وتغيير دفتها إلى حيث لم يرد الثوار.
وكانت الانتخابات الرئاسية قد أسفرت عن فشل التيار الثوري ممثلاً في حمدين صباحي و عبدالمنعم أبوالفتوح وخالد علي في الوصول إلى جولة الإعادة التي وصلت بالمنافسة إلى ممثل للنظام السابق وممثل للإسلام السياسي وتحديداً جماعة الإخوان المسلمين.
وفي كلا الحالتين، خسر التيار الثوري ومؤيدوه والمتعاطفون معه الوصول إلى سدة الحكم أو المشاركة فيه، لتكون ثورة 25 يناير من الثورات التي تحير العالم من حيث كونها نجحت في إسقاط رأس النظام ومعظم أركانه لكنها لم تحكم.
شباب الثوار ومن وراءهم البسطاء من شعب مصر، وهم الأغلبية، لن يستفيدوا من الثورة التي راح ضحيتها نحو 850 شخصا وأصيب فيها أكثر من ستة الاف آخرين.
يقول علاء عبدالحليم المحلل الاقتصادي أن جولة الإعادة "معادلة صفرية"، مبرراً ذلك في نقطتين هامتين. أولاهما، أنها ستعيد الصدام بين الثوار الشباب الذين خرجوا ضد نظام مبارك وانضم إليهم ملايين المصريين ومعهم جماعة الإخوان التي ستكون قد خسرت معركتها وبين شفيق إذا ما انتخب للمنصب – حتى ولو ديمقراطياً -- من جهة آخرى.
وثانيهما: أن المعركة الانتخابية بين الإخوان وشفيق ستنتهي إلى فوز أحدهما وبالتالي من سيفوز سيحاول أن يجهز على الآخر ويقصيه من الحياة السياسية وربما يكون ذلك هو شغله الشاغل طوال فترة حكمه ومن ثم فلن يلتفت إلى الإصلاح الحقيقي لنظام الدولة.
ومن ثم، يستطرد علاء، فالقضية تساوي صفر بالنسبة للثوار وصفر بالنسبة لمن سيخسر وربما صفر ثالث لمن يفوز إذا ما رفضه الشعب المصري.
إذا فاز الإخوان
حال فوز مرسي مرشح الإخوان، يكون البرلمان بغرفتية ولجانه والحكومة بوزرائها و مؤسسة الرئاسة ومستشاروها ومستقبلاً المجالس الشعبية المحلية و المحافظون ينتمون للإخوان.
وتدور أسئلة الخبراء والسياسيين إذا ما وصل مرشح الإخوان للمنصب الرئاسي حول كيفية إدارة الإخوان للدولة وعلاقة الحزب بالجماعة فضلاً عن مراكز القوى داخل الجماعة وكيفية التعامل مع القوى السياسية الأخرى في المستقبل ومعالجة تأسيسية الدستور.
يرى البعض أن الإخوان فشلوا حتى هذه اللحظة في السير في الركب الوطني ويبدو للجميع كيف أن الجماعة ما هي إلا فئة من الفئات السياسية التي تسعى لتحقيق أهدافها السياسية في المقام الأول.
ويرى آخرون أن هناك سؤالا يجب الإجابة عنه وهو: هل يسلم قادة الجيش كامل السلطة إلى جماعة الإخوان المسلمين؟ وكيف ستكون العلاقة بين الجيش والإخوان في حال تسلم الإخوان السلطة كاملة؟
يقول الكاتب علاء بيومي أنه "من المستحيل حاليا على أفضل وأذكي كاتب وقائد في أوساط الجماعة أن يشرح للمصريين والعالم طبيعة العلاقة بين الحزب والجماعة وحدود الفصل بينهما ومن منهما يحكم مصر وإلى من يدين بالولاء في حالة فوز الإخوان بالرئاسة".
ويضيف بيومي أن هذا الفصل قد يكون غير هام في عيون أتباع الجماعة ومحبيها والمتعاطفين معها وربما فريق كبير من المصريين الذين لم يعتادوا قواعد الممارسة الديمقراطية السلمية".
ويوضح بيومي في مقال له أن الجماعة حصلت على السلطة الخطأ، فالجماعة ترى أنها الأقوى في مصر حاليا، والأولى بتحمل المسئولية والقيادة، ولكن الخطة الانتقالية التي وافقت عليها الجماعة والقوى السياسية الأخرى انتهت بمنح الجماعة سلطة البرلمان والتي تقتصر على التشريع ومراقبة الحكومة، وهي بالطبع سلطة هامة، ولكنها بطيئة لن تسعف الجماعة في عملية تطبيق برنامجها والوفاء بوعودها أمام ناخبيها.
ويرى اللواء عمر سليمان، وزير الاستخبارات السابق الذي أدلى بحديث مؤخراً إلى جهاد الخازن، أن مصر الثورة تواجه مشكلات رئيسية أهمها صعود التيار الديني وامتلاكه شرعية، فالتيار الديني لم تتح له فرصة من قبل ليزاول السياسة أو فهم المجتمع، وقادته منغلقون على أنفسهم إذا وضعت مصر تحت حكمهم فستعاني كثيراً وقد تصل الى صدام مجتمعي وعنف وخطر حرب أهلية.
إذا فاز شفيق
وفي حال فوز شفيق آخر رئيس وزراء في عهد مبارك، قطع محللون أن الإخوان سيخرجون إلى الشوارع ومع شباب الثورة باعتبار أن فوز شفيق بمثابة "نهاية رسمية للثورة المصرية"، وذلك أن شفيق لن يترك العنان للجماعة، وسيضع مزيدا من القيود عليها ربما كما كان يفعل سلفه، وهنا ربما يمتد خطر شفيق إلى باقي القوى الثورية التي ساندت مرسي بعد فشل مرشحي الثورة في الجولة الأولى.
وبالرغم من أن آخرين يرون أن شفيق لن يستطيع إعادة انتاج النظام السابق أو يقترف جزءا بسيطا مما كان يقترفه مبارك، يرى البعض أن شفيق لن يلتفت إلى البناء وأن الجماعة لن تتركه ينجح.
وهناك فريق يراهن على أن شفيق لن يتسلم السلطة حال فوزه بالمنصب تحسبا للاحتجاجات الواسعة التي سيلاقيها.
وفي هذا الصدد، يحذر أبو العلا ماضي رئيس حزب الوسط الإخوان المسلمين من أن الوقت ليس في صالحهم، قائلاً إن التاريخ لن يسامحهم إذا فشلوا في تشكيل ائتلاف واسع لهزيمة أحمد شفيق في جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية.
وقال ماضي العضو السابق في جماعة الإخوان المسلمين إن فوز شفيق سيؤدي إلى "حرب استنزاف" في الشوارع بين المحتجين وقوات الأمن. وأضاف ماضي إن شفيق إذا فاز "سيعيد إنتاج النظام القديم لكن بطريقة جديدة".
وأضاف "لا يمكن لأحد أن يعيد عقارب الساعة إلى الوراء. لكنه سيحمي الفساد. وسيبقي على المسؤولين وسيعتمد على الجيش وأجهزة الأمن لقمع الناس وسيخوض المعارك الجديدة كما لو أن الثورة لم تنجح بعد. هذا هو خطر أحمد شفيق".